تاريخ أكادير
من القرن السادس عشر الى القرن التاسع عشر: قصبة في صلب إهتمام الأسر الحاكمة المغربية
لم يتمكن محمد الشيخ السعدي من حشد الجيوش الكافية لإجلاء البرتغاليين نهائيا إلا سنة 1541 (الموافق لعام 947 للهجرة)، وذلك بعد حصار طال أمده وهجوم كاسح تمكن على إثره الجيش السعدي من بسط نفوذه على قلعة سانتا كروز في 12 مارس 1541.
أضحت أكادير وقتئذ مرسى للسعديين إلى حدود سنة 1637م، وذلك بفضل تجارة المنتجات الصحراوية وسكر سوس على وجه التحديد. ولما بلغ إلى علم السلطان مولاي عبد الله، سنة 1572م أن ملك البرتغال كان بصدد تجهيز أسطول بحري من جديد بلشبونة، قام بتحصين المنطقة فدعًم قصبة ذات أهمية على قمة الجبل.
في سنة 1636م، حاصر سيدي علي، وهو حاكم تازروالت ومنطقة سوس، أكادير مواجها بذلك السلطان السعدي. وفي العام الموالي أحيى التجارة البحرية، بعد سيطرته على “القصبة” وأشرف خلفاؤه على تدبير المرسى والتحكم في الموقع الاستراتنيجي لأكادير إلى حدود سنة 1670م، حيث بسط مولاي الرشيد، أول سلطان علوي، نفوذه على أكادير قبل أن تخضع له منطقة سوس كلها. وقد شهد المرسى آنئذ حركية متنامية، غير أن زلزالا سيدمره جزئيا سنة 1731م. وقد أعيد بناء القصبة على ما يبدو، سنة 1743م، بدعم من شركة الهند الهولندية.
غير أن السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله، في سعيه إلى تركيز الأنشطة التجارية الدولية بمرسى“موكادور” الجديد، أمر سكان أكادير، خاصة التجار اليهود منهم، أن يرحلوا نحو العاصمة الجديدة “موكادور” سنة 1764 قبل أن يتم إغلاق مرسى أكادير سنة 1765م، حيث أصبح رسو السفن الأجنبية بمرسى أكادير ممنوعا ابتداء من سنة 1776م.
على إثر ذلك، تم إخلاء “القصبة” و المرسى و الارتحال إلى الصويرة، وهو ما جعل أكادير تعيش فترة هجران و تهميش ليست بالقصيرة أفرغتها من سكانها.
واستمر الوضع على هذه الحال إلى سنة 1881م. إذ أذن السلطان مولاي الحسن، من جديد، للسفن بالرسو بخليج أكادير ليتيسر إمداد الرحلتين الكبريين سنتي: 1882م و1886م. وعلى الرغم من ذلك ظلت الحركة ضعيفة رغم ما تزخر به المنطقة من إمكانيات.
القرن العشرون، قصبة محط الاطماع الاستعمارية الغربية
عادت أكادير إلى واجهة الأحداث سنة 1911م بسبب الأطماع الاستعمارية الأوربية، ولما قامت الإمبراطورية الألمانية بإرسال السفينة الحربية الشهيرة “بانثير" إلى ساحل أكادير.
وقد سيطرت الجيوش الفرنسية سنة 1913م على قصبة أكادير بعد قصفها ليبسطوا سلطتهم على منطقة سوس كلها. فأصبحت أكادير التي كانت تضم ألف قاطن، مركزا للقيادة العسكرية الفرنسية لاكتساح منطقة سوس و تخوم الصحراء. وخضعت “القصبة” حينها للترميم وإعادة التهيئة. وفي هذه الفترة صنفت تراثا وطنيا سنة 1932 ثم بعد ذلك، سنة 1944.
في التاسع والعشرين من شهر فبراير 1960 دمر الزلزال ما يزيد على 90% من مباني القصبة، ولم يصمد غير السور الجنوبي للقصبة ليظل شاهدا على شموخ الماضي.